vendredi 30 août 2013

تقرير شامل حول فعاليات الدورة الثانية للجامعة الصيفية بالحسيمة


افتتحت جمعية ريف القرن 21 الإثنين 19غشت 2013  فعاليات الدورة الثانية للجامعة الصيفية لنيل دبلوم في "مسلك الدراسات الأمازيغية " بمقر المجلس الجهوي بالحسيمة، تحت شعار: "وعي بالهوية الأمازيغية من أجل حداثة مبدعة" وذلك بشراكة مع مجلس جهة تازة الحسيمة تاونات.
شارك في تنشيط فقرات هذه الدورة عدد من الأساتذة و الدكاترة المختصين من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية IRCAM والهيئة العليا للسمعي البصريHACA   وجامعات مغربية…
استهلت صبيحة اليوم الأول بكلمة من رئيس جمعية ريف القرن21 السيد ياسين الرحموني، الذي رحب بالحضور وعرف ببرنامج الدورة وتعمق في شرح شعارها ومضمونها الذي تم اختياره هذه السنة استجابة لرغبة طلبة مسلك الدراسات الأمازيغية، كما نوه كذلك بمجهودات المجلس الجهوي لجهة تازة الحسيمة تاونات لتشجيعه لجميع الأنشطة الثقافية الهادفة.
بعد ذلك تناول الكلمة السيد رئيس المجلس الجهوي الدكتور محمد بودرا الذي أشاد بدوره بمجهودات جمعية ريف القرن 21 في اصرارها على تنظيم مثل هذه التظاهرات المتميزة من أجل صقل وإبراز طاقات الشباب، وتوضيحه لأهمية توظيف القدرات المعرفية في الحياة اليومية، وقد دعا الشباب إلى الإقبال على العلم والتعرف على الهوية وتاريخ الحضارة الأمازيغية، لأن المخرج الوحيد للتقدم هو العلم حسب قوله، مستشهدا ببعض الأمثلة حيث أنه في أوروبا كان الأوروبيون يرمون النساء في النار من أجل صكوك الغفران، ولكن حينما جاء العلماء نقدوا هذا الوضع وقدموا عليه شهداء (مثال غاليلي الذي أعدم لمعارضته لخرافات الإكليروس). كما دعا الشباب إلى استغلال الدراسات التي تجرى في هذا الميدان لإطلاع أفضل على التاريخ الأمازيغي لأن معرفة التاريخ لا يمكن أن تكون إلا بوجود دلائل تثبته، وقد ختم كلمته بالقول أن حياة العلم أشقى وحياة اللهو أسهل لكن الثمار الجيدة تعود للأولى.
وتلت هذه الكلمة كلمتين لأستاذين مؤطرين للدورة الثانية للجامعة الصيفية هما: نورى الأزرق عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والدكتور الحسين الإدريسي أستاذ التعليم العالي بوجدة، اللذان تطرقا للحديث عن شعار الدورة والتعريف بمواد المحاضرات التي سيتم إلقاءها  في حصص الدورة.
ليتم بعد ذلك الشروع في الورشة الأولى للدورة الثانية للجامعة الصيفية بعنوان ''لسانيات اللغة الأمازيغية'' بتأطير من الدكتورة نورى الأزرق التي تطرقت فيها إلى سؤال المعيرة والأمازيغية، والتي أشارت من خلالها إلى أن صيانة اللغة وحفضها يتطلب معيرتها، "فلو تركنا اللغة لوحدها حتما ستموت" كما قدمت أمثلة تطبيقية على ذلك من خلال استعمال الكثيرين لمصطلحات ومفردات لغوية عربية وفرنسية واسبانية واستدلالها بالمصطلحات الأمازيغية التاريخية الصرفة الأصلية. بالإضافة الى تطرقها للتعريف بالحرف الأمازيغي تفناغ، تاريخه ومصدره وكذلك طريقة نطقه و كتابته في حديثها عن انتقال اللغة الأمازيغية من الشفوي إلى المكتوب كلغة رسمية تمت دسترتها.
وفي إطار شرحها للعملية المعيارية نبهت الأستاذة الى ضرورة الإنطلاق من المجموعات اللهجية بأوجهها اللغوية المتعددة وبمختف تنوعاتها. كما حاولت الأستاذة الجواب على سؤال مركزي يتعلق باستراتيجية المعيرة ما دمنا نتوفر على معاجم متعددة ولكن ليس لدينا قواميس متعلقة بالأمازيغية بغنى مرادفاتها. كما ركزت على ضرورة الإنفتاح والتدرج في عملية المعيرة.
خلال اليوم الثاني من فعاليات الجامعة الصيفية كان للطالبات والطلبة موعدا مع وحدة "التراث" من تأطير الدكتورة صباح علاش، حيث أشارت الى تعريف الثقافة والحضارة والعلاقة بينهما والجوانب المنهجية التي تعبر عنها الدراسات الإجتماعية والأنتربولوجية ودفاعها عن المجتمعات البسيطة البدائية. وانتقلت الأستاذة الى تأثيرات الحضارات المتوسطية الكبرى على المنطقة الريفية على مدار التاريخ، وصولا الى التاريخ الإسلامي في منطقة شمال إفريقيا، وآثارها في التاريخ والجغرافيا الأمازيغية من خلال المدن المندرسة في المنطقة الريفية والقبائل التي ساهمت في بناء هذه المعالم الحضارية.
وقد أوضحت الأستاذة التأثير الكولونيالي الإسباني  على منطقة الريف من خلال المساهمات التي قدمها الضابط الإسباني ‘إميليو بلانكو إثاكا ‘ وذلك ببنائه قلعة أربعاء تاوريرت التي أخضعها للمعمار الأطلسي، كما قدم دراسات في مقارنة الموروث الأمازيغي الريفي.
خلال اليوم الثالث أطّرت الدكتورة بشرى البركاني ورشة تحت عنوان "ديداكتيك الأمازيغية" أشارت فيها الى الدلالات التي تعبر عنها النواحي السوسيولوجية والنفسية التي ترافق المستويات اللغوية، والتي نحتاجها في عملية تدريس اللغة الأمازيغية، من منطلق أن عائلة التلميذ هي المصدر الأول في تعليمه الأبجديات اللغوية الأولى.
ونبهت الأستاذة الى ضرورة الإلمام بالعدة المنهجية والعلمية التي يجب ان نتسلح بها، وهو ما تم التعاون والتشارك من أجله للوصول الى صياغة الكتاب المدرسي الأمازيغي بين مركزي التهيئة اللغوية ومركز الديداكتيك في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وطريقة العمل التدريجية بالأساس من أجل الوصول الى معيرة تعتمد مقاربة ادماجية للغة الأمازيغية والوصول الى صيغة تواصلية والتقائية بين اللهجات الثلاث واللغة الأمازيغية داخل التراب المغربي.
وخلال اليوم الرابع على التوالى قدم الدكتور فؤاد أزروال محاضرة تحت عنوان "فنون الخشبة الأمازيغية"، وقد تناول في مداخلته المسيرة التاريخية للفنون المسرحية لدى الممالك الأمازيغية وعلى رأسها كتاب أفولاي (أسنوس ن ورغ) (الحمار الذهبي). وهذا ما يؤكد العمق الفني التاريخي للمسرح الأمازيغي وغناه الموضوعي والإبداعي.
كما أشار الى اندثار المسرح مع الفترة الإسلامية الى أن ظهر مجددا سنة 1991. ونبّه الأستاذ الى الجوانب التي تكون المسرح منها الأدبية والفنية، ذلك أن هناك عددا من المسرحيات كنصوص أدبية لا يمكن تشخيصها على خشبة المسرح.
وأشار أيضا الى مساهمات المسرحيين الجزائريين الأمازيغ في المسرح وعلى رأسهم كاتب ياسين صاحب رواية "محمد يحمل حقيبته"، والمسرحي "بن يحيى". وفي ما يتعلق بالتجارب المغربية المسرحية الأمازيغية، منها التجارب  القروية ومنها تجارب الشباب التلقائية (إشعال النيران...) وهو ما أشار إليه الدارسون الأنتروبولوجيون ومنهم دافيد هارت في إشاراته الى المناسبات الإحتفالية للأهالي الأمازيغية.
خلال اليوم الخامس من فعاليات الجامعة الصيفة، قدم الدكتور الحسين الإدريسي، ورشة تحت عنوان "الأمازيغية في رحاب العلوم الإنسانية"، من خلال محورين أساسيين: أولهما يتعلق بالعلوم الإنسانية من خلال تعريفاتها وكرنولوجيتها وروادها ونظرياتها وتطورها ودراساتها ومراجعها، مركزا بالأساس على العلوم الإجتماعية وعلى العلوم الأنتروبولوجية وتفرعاتها المتعددة لنضريات علمية صرفة، إضافة إلى ضوابطها المنهجية وديناميتها.
أما المحور الثاني فقد خصصه الأستاذ المحاضر للدراسات التطبيقية التي انكبت من خلالها تخصصات العلوم الإنسانية على الأمازيغية وذلك من خلال دراستين مهمتين في الموضوع، أولها يتعلق بالدراسة الأنتروبولوجية التي أنجزها الأنتروبولوجي الأمريكي "دافيد هارت" حول الريف. أما الدراسة الثانية فتتعلق بدراسة" بول باسكون"حول المجتمع القروي المغربي مركزا بالأساس على قبائل أمازيغية من الأطلس المغربي.
وفي اليوم الأخير من سلسلة الورشات العلمية والثقافية قدم الأستاذ أحمد زاهد ورشة حول الصحافة والسمعي البصري مشيرا الى تطور مسار الإعلام الأمازيغي في الأجهزة الإعلامية بداية مع فترة 10 دقائق في الإذاعة الجهوية بتطوان وصولا الى 1 ماي 1994 حيث عرف هذا التاريخ وقوع أحداث احتجاجية بمنطقة الراشدية وعلى إثرها تم تقديم أول نشرة إخبارية في التلفزة المغربية وكانت تسمى نشرة اللهجات (تتناول اللهجات الأمازيغية الثلاث).
وأشار الأستاذ زاهد الى مسألة التعددية اللغوية والتعبير عن الثقافة الأمازيغية في الصحافة. وهذا ما يرجع الى الإنفتاح الثقافي واللغوي للهوية الأمازيغية على اللغات المتعددة. كما تطرق الأستاذ الى القنوات الخاصة وعلاقتها بالأمازيغية من خلال المؤشرات القانونية ومن خلال مهام المرفق العام والأهداف التي يريد الوصول اليها. كما اشار ذ. زاهد الى الإهتمام الملكي بالأمازيغية ونبه ايضا الى اهتمام دفاتر التحملات المتعلقة بالسمعي البصري فيما يتعلق بالإختلافات اللهجية بين الأمازيغة والدارجة المغربية.
وبعد كل مداخلة علمية للأساتذة المؤطرين كان يتم فسح المجال للطلبة الحاضرين لتوجيه أو تقديم ملاحظاتهم واستفساراتهم ومناقشتهم لمضامين المحاضرة المقدمة وهو ما ساهم في إغناء المداخلات وفسح مجال حواري وتفاعلي أكثر.
وبالموازاة مع ذلك تم تنظيم زيارة ثقافية ميدانية لتفقد المواقع التراثية والتاريخية بالريف على رأسها مقر قيادة الأمير مولاي موحند بمنطقة أزغار التابعة لأجدير. وكانت فرصة للمشاركين للتعرف عن قرب على المواقع االأثرية والتاريخية بالريف التي تعتبر من ذاكرة الأمة المغربية والتي تتعرض لخطر الهدم و الخراب.
أسدل الستار حول فعاليات الدورة الثانية للجامعة الصيفية بالحسيمة حول مسلك الدراسات الامازيغية تحت شعار: "وعي بالهوية الامازيغية من اجل حداثة مبدعة"، يوم الاحد 25 غشت 2013.
 في البداية تطرق السيد ياسين الرحموني رئيس جمعية ريف القرن 21 في كلمته، للظروف المصاحبة لإطلاق هذه الدورة، كما أشار إلى كل الوقائع المرتبطة بالتظاهرة، وقد عمل بعدها على فسح المجال للطلبة الحاضرين والمشاركين للتعبير في مائدة مستديرة عن ارتسماتهم وملاحظاتهم حول الجوانب التنظيمية للجامعة وهو ما عبر عنه فعلا الطلبة والطالبات في كلماتهم المختصرة والتي عبروا من خلالها على ثنائهم حول نجاح الدورة الثانية من الناحية التنظيمية ومن الناحية الثقافية والعلمية، كما عبر البعض عن بعض الانتقادات المرتبطة بالجانب الزمني وتوزيع الحصص الدراسية.
بعد ذلك قدم السيد رئيس الجمعية كل الإجابات والتوضيحات المتعلقة باستفسارات وملاحظات المشاركين، كما فسح المجال لكلمة الدكاترة المشاركين التي عبروا من خلالها عن سرورهم بنجاح الدورة وتشجيعهم للجهة المنظمة على ضرورة تطوير التجربة والمحافظة علبها كترسيخ أكاديمي وثقافي ومدني يساهم في اغناء وتنمية الوعي الهوياتي في منطقة الريف بصفة عامة وذلك من اجل الانخراط الايجابي والفعال في بناء حداثة خلاقة ومبدعة.
وبعد الانتهاء من المائدة المستديرة شرعت فرقة موسيقية محلية ( فرقة الشاب خميس)  في تنشيط الحقل الختامي بمقاطع موسيقية معبرة نالت إعجاب الحاضرين، كما تلت هذا الحفل عملية توزيع شواهد الجامعة على المشاركين والمشاركات وبعض الدروع التذكارية على السادة والسيدات المؤطرين للدورة الثانية.
كما تم التقاط صور جماعية توثق للحدث وتثمن صورته الفنية إضافة إلى صورته الأكاديمية.
وقد جاء هذا الحفل الختامي بعد مشاركة الحاضرين والحاضرات في خرجات سياحية موازية نذكر منها الزيارة البحرية إلى شاطئ كالابونيتا التي عرفت حضور كل المشاركين عبر خرجات بحرية منظمة في أفواج نالت ارتياحهم وإعجابهم.
وتأتي هذه البادرة الفريدة من نوعها بإقليم الحسيمة  ايمانا من الجمعية المنظمة والجهة الداعمة بأهمية المعلومة والتكوين المستمر والبحث العلمي، وخلق أجواء علمية بالانفتاح على مختلف المؤسسات العلمية الوطنية والدولية  في ظل غياب جامعة حقيقية بالمنطقة.
ولا شك أن نجاح هذه الدورة كان بإصرار ومثابرة الجمعية المنظمة فضلا عن الجهة الداعمة والمتمثلة في المجلس الجهوي لجهة تازة الحسيمة تاونات، الذي لم يبخل على الجمعية المنظمة بأي طلب بدأً بتوفير المقرّ الذي كان بمثابة مدرّج أو قاعة للمحاضرات والورشات العلمية النظرية منها والتطبيقية التى قدمها خيرة الأساتذة على الصعيد الوطني، إضافة الى الدعم الذي مسّ جواب أخرى غنية عن الذكر أو الحصر.

Aucun commentaire: